يوم أممي دامٍ في الغوطة الشرقية

دخلت يوم أمس الاثنين 5 آذار 2018 قافلة المساعدات الأممية إلى مدينة دوما في الغوطة الشرقية. وذلك للمرة الأولى منذ بدء التصعيد العسكري الأخير في 18 شباط 2018. وكانت القافلة بحسب تصريح للصليب الأحمر الدولي قد حملت 5500 سلة غذائية إلى جانب المواد الطبية والجراحية الحيوية مثل مواد التضميد.

غادرت القافلة مدينة دمشق صباحاً عند الساعة 9:20 وخضعت للتفتيش الدقيق على عدة حواجز أمنية تابعة للحكومة السورية يشرف عليها جنرال روسي في منطقة مخيم الوافدين ثم حاجزاً لفصيل (جيش الإسلام) المعارض. قبل أن تصل إلى دوما عند الساعة 14:30.

شهد هذا اليوم مقتل 99 مدنياً بينهم 8 أطفال في القصف المستمر على الغوطة الشرقية وسجل مركز توثيق الانتهاكات استمرار القصف أثناء تواجد القافلة في مدينة دوما وعلى مسافة قريبة جداً من مكان تواجد الطاقم السوري والدولي المرافق للقافلة.

مركز توثيق الانتهاكات VDC كان متواجداً عند وصول القافلة إلى مدينة دوما والتقى مسؤولين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسجل شهادات من أفراد رافقوا القافلة.
يقول كريم (اسم مستعار- كان مرافقاً للقافلة) لمركز توثيق الانتهاكات VDC:

“القافلة لم تحمل أي مواد جراحية لأن هذه المواد لم تسمح الحكومة السورية بها في أي وقت سابق. وصلنا إلى دوما عند الساعة 14:3. وعند حوالي الساعة 17:30 تعرض محيط مدينة دوما لقصف الطيران الحربي ثم كان الرصاص قريباً جداً من مكان تواجدنا في مركز المدينة. وبعد اتصال مسؤولين دوليين داخل القافلة بالجيش الروسي فهمنا أنه تبقى لدينا مهلة ساعة فقط لتفريغ كامل الحمولة والعودة إلى مدينة دمشق. عند الساعة 19:40 جاءتنا مكالمة قيل لنا أنها من الجيش الروسي طلبت مغادرتنا فوراً رغم أننا لم نكن قد انتهينا بعد من تفريغ 9 شاحنات من أصل 46 كانت في القافلة. وعادت هذه جميعاً فوراً إلى مدينة دمشق بعد أن تم تفريغها بشكل جزئي.”

أحصى فريق مركز توثيق الانتهاكات في مدينة دوما يومي أمس واليوم٬ توزيع السلل الغذائية الأممية بمعدل سلّة واحد لكل 40 شخص. وعلى عكس بيان الصليب الأحمر الذي أشار إلى إنّ السلّة الغذائية الواحدة تكفي عائلة واحدة لمدة خمسة أشهر. فإن الكميات التي وصلت في القافلة يبدو أنها تكفي بالكاد لأيام فقط مع تواجد أعداد كبيرة من النازحين من مناطق الغوطة المختلفة إلى مدينة دوما بسبب استمرار العمليات العسكرية التي تنفذها قوات سورية حكومية وروسية في المنطقة٬ والحاجة الملحة والعاجلة لتقديم المساعدات الغذائية الأساسية للجميع.

في 24 شباط / فبراير، اعتمد مجلس الأمن في جلسته 8188 القرار 2401 بشأن الحالة في الغوطة الشرقية. وتطلب الفقرة 12 من منطوق القرار أن يُقدم تقريراً إلى المجلس عن تنفيذ هذا القرار وعن امتثال جميع الأطراف المعنية في سوريا.
ينوه مركز توثيق الانتهاكات هنا إلى تنفيذ الفقرة 5 من منطوق القرار والتي تنص على ما يلي:

يطالب كذلك بأن تتيح جميع الأطراف، فور بدء وقف الأعمال العدائية، وصولا آمناً ومستداماً ودون إعاقة كل أسبوع لقوافل الأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين الإنسانيين، بما في ذلك الإمدادات الطبية والجراحية، إلى جميع المناطق المطلوبة والسكان.

حيث أن الحكومة سوريا والقوات الروسية لم تسمح في حالة هذه القافلة بالوصول الآمن وغير المُعَرقَل إلى الغوطة واستمرت القوات التابعة للحكومتان الروسية والسورية في استهداف منطقة دوما حيث تتواجد القافلة الإنسانية بقصف الطيران الحربي الذي استهدف مناطق سكنية في المدينة.

كما أن الحكومة السورية لم تسمح للقافلة بنقل المعدات الطبية الجراحية إلى الغوطة. وبما أن القرار أضاف تأكيداً خاصاً على الإمدادات الطبية والجراحية، وهو ما يمكن ملاحظته في الاقتباس أعلاه، فإن إجراءات الحكومة السورية تتناقض بوضوح ليس فقط مع قرار مجلس الأمن الملزم الذي يوضح أن “الدول الأعضاء ملزمة بموجب المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة بقبول وتنفيذ قرارات المجلس”٬ بل بما يتضمن ذلك من مخالفة القوانين الإنسانية الدولية الملزمة المتعلقة بمعالجة الجرحى والمرضى٬ مثل المواد 25 و 26 و 27 و 28 و 29 و 30 و 21 و 32 و 55 و 110 من قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن عرف القانون الدولي الإنساني.
إن مركز توثيق الانتهاكات VDC يطلب من الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر فتح تحقيق مستقل حول ما جرى مع قافلة المساعدات الانسانية بالأمس. كما يطلب من الدول الأعضاء في مجلس الأمن النظر في هذه الخروقات للقرار الأممي واتخاذ ما يلزم من التدابير لضمان وصول آمن ومستدام للمساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية.